أثار فاعلون ينتمون لجهة سوس-ماسة ملاحظات بخصوص ما جاء على لسان فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، حول برنامج تأهيل المدن العتيقة بالمملكة في إطار تشجيع السياحة الداخلية.
ولفت هؤلاء الانتباه إلى أن اللائحة التي كشفت عنها الوزيرة عمور لا تشمل المدن العتيقة بجهة سوس-ماسة، التي تتوفر أساسا على حواضر ذات ثقل تاريخي وحضاري يستوجب التثمين والمواكبة بالتأهيل من أجل المساهمة في جذب السياح إلى المملكة، في إطار خارطة الطريق السياحية 2023-2026.
وفي معرض حديثها عن إجراءات الوزارة بخصوص مسألة سياحة المدن العتيقة التي تمثل 69 في المائة من الطاقة الإيوائية الإجمالية بالمغرب، أوضحت المسؤولة الحكومية ذاتها، الاثنين 2 دجنبر الجاري بمجلس النواب، أنه “تم وضع مجموعة من البرامج، بما فيها التأهيل والتثمين السياحي لثماني مدن عتيقة، هي مراكش وفاس والصويرة ومكناس والرباط وسلا وتطوان وطنجة”، مشيرة إلى أن هذا التأهيل “لا يقتصر على البنايات فقط، بل يشمل حتى التسيير والتنشيط، لضمان جاذبية هذه المدن لمختلف فئات السياح، سواء مغاربة أو أجانب”.
الحسين اليوسفي، من الإطارات المدنية بمدينة تارودانت، قال إن “هذه الأخيرة تستحق الالتفاتة بكل صراحة وقوة، في وقت ربما توجهت السياسات القطاعية في هذا الصدد نحو الاهتمام بالأقطاب، في حين ربما لم يتم الأخذ بعين الاعتبار المدن التي يمكن اعتبارها من طرف البعض كخلفية أو ثانوية، أو أنه ربما سيأتي دورها فيما بعد وفق ما تقرره الحكومة والجهات الوصية على القطاع السياحي”.
وأضاف اليوسفي في تصريح لهسبريس: “نتحدث هنا عن تارودانت كإحدى أقدم حواضر المملكة ولها مقومات سياحية يمكنها أن تساهم في جذب اهتمامات السياح الأجانب؛ فالمدينة بحاجة إلى أن يتم دمجها في إطار المنظومة التنموية الوطنية، لا سيما من بوابة مخططات وبرامج وزارة السياحة”، مشيرا إلى أن “عددا من الفنادق أغلقت أبوابها بالمدينة ومن المهم جدا المساهمة في إعادة إحيائها لخلق الدينامية السياحية والاقتصادية”.
من تارودانت إلى تزنيت حيث قال أحمد بومزكو، أستاذ باحث في التاريخ والتراث منتخبٌ سابقا بالمدينة ذاتها: “تمت ملاحظة عدم تطرق وزيرة السياحة إلى أي مدينة بسوس-ماسة في مداخلتها، وهو ما يأتي خارج السياق الذي كانت عرفت فيه مدينة تيزنيت السبْق عبر الالتفات وإدماج البعد التراثي في التنمية المحلية”.
وأضاف بومزكو، في تصريح لهسبريس، أن “تيزنيت من بين المدن المغربية المرتبة في عداد المدن العتيقة بمقتضى مراسيم وظواهر، وتم كذلك تقييدها في لائحة الأبنية التاريخية، مع مصادقة المجلس الجماعي في سنة 2016 على ميثاق المدن السياحية”، مستعرضا “مجموعة من المبادرات المحلية التي عرفتها المدينة من أجل تقوية وتثمين جاذبيتها السياحية فيما سبق”.
وفي إطار دفاعه عن أولوية استفادة مدينة تيزنيت من برنامج التأهيل السياحي، ذكر المتحدث أنه “تم في وقت سابق إعداد تصور لمناطق التثمين السياحي والتراث اللامادي وبلورة المسالك السياحية الموضوعاتية، التي تتضمن التراث الديني والصناعة التقليدية، في إطار جداول تقنية تم تقديمها فيما بعد لوزارة السياحة لكن بدون رد”.
وتابع: “ثمة مجهود كبير جدا تم القيام به في هذا الصدد من قبل المجلس الجماعي، لكن فوجئنا للأسف بعدم ذكرها من بين المدن الثماني، خاصة وأن شروط وآليات إنجاح مثل هذه التدخلات التي تقوم بها الوزارة متوفرة في مدينة تيزنيت أكثر من غيرها، لا سيما وأنها محمية بموجب قوانين الترتيب والتقييم منذ سنة 1932، مما يؤكد أولوية إعادة النظر في لائحة المدن التي يستهدفها هذا البرنامج”.
وتفاعلا مع هذه المطالب، قال مصدر من داخل وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني إن “ما تم ذكره في جواب الوزيرة يخص المدن العتيقة التي تعرف حاليا إنجاز المشاريع الخاصة فيها وما هو في طور الإنجاز”.
وأضاف أنه “بالنسبة لتارودانت وتيزنيت فلم يتم إقصاؤهما، وهما معنيتان أيضا ببرنامج التأهيل السياحي. الوزارة تشتغل مع الشركاء المحليين لوضع وتنفيذ برامج للتأهيل السياحي، تتضمن مثلا المدارات السياحية والتشوير السياحي للمسارات والمواقع السياحية والتاريخية”.