كثرت المقارنات في الآونة الأخيرة بين إيلون ماسك والملياردير جورج سوروس بينما يتطلع قطب التكنولوجيا إلى مواصلة ترسيخ نفوذه عبر الأحزاب السياسية في جميع أنحاء أوروبا والتقرب من المدعين العامين في الولايات المتحدة.
وقالت مجلة نيوزويك إن إيلون ماسك نفسه قد لاحظ هذه المقارنة وعلق عليها خلال خطاب ألقاه في مار إيه لاجو، منتجع الرئيس المنتخب دونالد ترامب في فلوريدا، فقال: “أعتقد أن شخصًا ما يجب أن يكون جورج سوروس بالنسبة لليمين”.
وتابع: "أعني، أعتقد أنه يتعين عليّ أن أسمي نفسي جورج سوروس من الوسط، ومن الواضح أننا بحاجة إلى الأساسيات فقط... كما قال الرئيس ترامب بحق، ما نحتاجه هو استعادة الحس السليم".
وأضاف ماسك: "نريد مدنًا آمنة، ونريد حدودًا آمنة، وإنفاقًا معقولًا، وحرية التعبير، واحترام الدستور. إذا كان هذا جورج سوروس من اليمين، فهذا أنا"، وعلى مدار سنوات، كان السياسيون اليمينيون يعتبرون سوروس بمثابة شبح سياسي بسبب تبرعاته للقضايا الليبرالية والتقدمية من خلال مؤسسته غير الربحية وأنتج اليمين المتطرف العديد من نظريات المؤامرة حول محاولة سوروس شراء النفوذ وتشكيل السياسات - غالبًا بنبرة معادية للسامية.
وظهر مقطع فيديو لعضو البرلمان البريطاني ريتشارد تيس، الذي يشغل الآن منصب نائب زعيم جبهة إصلاح المملكة المتحدة Reform UK، عبر منصة X، المعروفة سابقًا باسم تويتر، إذ قارن التعليقات التي أدلى بها في عام 2018 والتي تنتقص من سوروس بالتعليقات الأخيرة التي أدلى بها عن ماسك، وفي عام 2018، قال تيس، الذي كان آنذاك عضوًا في حزب المحافظين، عن سوروس: "إنه لا يعيش هنا، ولا يدفع ضرائب هنا، ما الحق الذي لديه للتدخل في ديمقراطيتنا ومحاولة الإطاحة بالحكومة؟ ليس له أي حق على الإطلاق".
وبالمقارنة بتعليقاته في عام 2024 حول ماسك، والتي قال فيها: "إذا كان السيد ماسك يستطيع التبرع قانونيًا ويشعر أن هذا هو الشيء المناسب للقيام به، فمن الواضح أننا سنكون سعداء... سيكون ذلك تأييدًا رائعًا لسياساتنا لإنقاذ بريطانيا وإعادة نموها مرة أخرى".
ودافع تيس عن تعليقاته، وكتب، على منصة X، أن "الفرق الكبير" هو أن "ماسك لديه مصالح تجارية كبرى في المملكة المتحدة توظف الآلاف من الناس أما سوروس ليس كذلك... والفرق إذن ليس صعبًا أو عصيًا على الفهم".
إيلون ماسك "جورج سوروس اليمين"
نشر ماسك في 3 نوفمبر الماضي، قبل أيام قليلة من حسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، مقطع فيديو لمراسلة قناة "إم إس إن بي سي"، كلير ماكاسكيل، تنتقد فيه مشاركته المكثفة في حملة ترامب وعلق: "من المضحك أنها لم تقل كلمة واحدة عن سوروس، الذي أنفق مائة مرة أكثر مما أنفقته في الانتخابات... إذا أنا تمكنت بجدارة من فهم علم "رمز الصواريخ" مع سبيس إكس وجراحة "رمز الدماغ" مع نيورالينك، فربما يمكنني فهم السياسة أيضًا"، وواجه ماسك انتقادات في عام 2023 عندما ادعى أن جورج سوروس "يكره الإنسانية".
ومع ذلك، أعرب ماسك أيضًا عن اهتمامه بلقاء أليكس سوروس، نجل جورج، الذي سيتولى إدارة مؤسسته غير الربحية، ورد أليكس بشكل إيجابي على الاقتراح، قائلًا إنه "منفتح على الاجتماع مع إيلون ماسك".
حديث في الكواليس
قال آلان ميندوزا، المدير التنفيذي لمؤسسة هنري جاكسون سوسايتي البحثية ومقرها المملكة المتحدة، لنيوزويك: "سيستخدم منتقدو ماسك على اليسار بالفعل حججًا مماثلة لتلك التي نراها من اليمين حول جورج سوروس لشرح ازدرائهم لتدخله السياسي، ولكن هؤلاء الأشخاص أنفسهم على اليسار سيدافعون عن سوروس وحملاته كقوة من أجل الخير، تمامًا كما يرحب أولئك على اليمين الآن بإيلون ماسك. وكما هو الحال دائمًا، فإن الإرهابي الأيديولوجي في عيون شخص ما، ربما يمثل المقاتل من أجل الحرية في عيون شخص آخر، وستُسمع أعلى صرخات الاحتجاج في أي لحظة دائمًا من الجانب الذي يتفوق عليه ماليًا في لعبة التأثير العالمي للأفكار".
وقال نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح البريطاني، عقب الاجتماع مع ماسك: “لقد ناقشنا المال.. هذه مفاوضات سنعود إليها مرة أخرى.. إنه لا يعارض منحنا المال. لم يقرر بعد ما إذا كان سيفعل ذلك أم لا”.
وذكر متحدث باسم حزب الإصلاح البريطاني في تصريحات لمجلة نيوزويك أن "إيلون ماسك رجل أعمال ناجح للغاية ولديه شركات في المملكة المتحدة ويحق له التبرع من خلال أي منها بموجب القانون الانتخابي البريطاني. لقد حصل حزب العمال والمحافظون على ملايين عديدة من التبرعات باستخدام نفس القواعد. ويدرك إيلون ماسك أننا لم يتبق لدينا سوى فرصة واحدة لإنقاذ الغرب".
كتب مارك ليفين، مقدم برنامج فوكس نيوز والمعلق المحافظ على قناة إكس: "كيف تدقق وسائل الإعلام في تصرفات إيلون ماسك بلا هوادة وبطريقة غير نزيهة لكنها تمنح جورج وأليكس سوروس تصريحًا؟ هذا كلام مرسل".
وفي الثالث عشر من نوفمبر الماضي، كتب رجل الأعمال المنتقد لترامب، بريان كراسينشتاين، على موقع X، ليصف ماسك بأنه قد تحول إلى جورج سوروس، ولكنه محسوب على اليمين وليس على اليسار، وفي الأثناء، يتطلع إيلون ماسك إلى استعراض عضلاته السياسية والمالية بطريقة ربما كانت تبدو غير محتملة قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2024، إذ لعب قطب التكنولوجيا دورًا محوريًا في إعادة انتخاب الرئيس المنتخب دونالد ترامب بفضل نفوذه و277 مليون دولار من التبرعات.
ومن المنتظر أن يحاول ماسك تكرار هذا الإنجاز مع حركة إصلاح المملكة المتحدة، حزب العقل المدبر لحزب الاستقلال البريطاني نايجل فاراج – ولدى قطب التكنولوجيا خطط لدعم الحزب بتبرع مذهل يزيد عن 127 مليون دولار، والذي سيُصنف على أنه أكبر تبرع في التاريخ السياسي البريطاني، وفقًا لصحيفة تايمز أوف لندن.
ومع ذلك، قال السياسي البريطاني نايجل فاراج لصحيفة جريت بريتن نيوز إن تلك المناقشات، التي جرت في مار إيه لاجو، بعيدة كل البعد عن كونها حاسمة وستستمر مع تخطيط الحزب لمستقبله: بعد حصوله على خمسة مقاعد في الانتخابات المبكرة في المملكة المتحدة عام 2024، وضع فاراج نصب عينيه الوصول إلى السلطة بدلًا من حزب المحافظين، ولا يخفى أن دعم أموال إيلون ماسك من أبرز عوامل تعزيز هذه الطموحات.
