يشهد مشروع قانون الأحوال الشخصية للأسرة المسيحية في مصر حاليًا نقاشًا واسعًا، حيث ألقى المستشار منصف نجيب، ممثل الكنيسة الأرثوذكسية في لجنة إعداد القانون، الضوء على أبرز تفاصيله وكيفية التعامل مع قضايا الزواج والطلاق.
تاريخ معقد من التشريع يشير نجيب إلى أن عدم وجود قانون موحد سابقًا يعود لحقبة الفتح الإسلامي، حيث اعتمد الولاة المسلمون على القرآن في الحكم، وتركوا قضايا الأحوال الشخصية بين المسيحيين لرجال الدين. بعد إنشاء المجلس الملي في القرن الثامن عشر، أصبحت قضايا الأسرة المسيحية تدار دون قواعد مكتوبة واضحة. وعندما تم إقرار لائحة 1938، واجهت معارضة من الكنيسة لتوسيعها في أسباب الطلاق، ما خلق جدلًا واسعًا وتسبب في مشاكل قانونية واجتماعية استمرت حتى اليوم.
نحو قانون موحد بدأت محاولات صياغة قانون موحد في السبعينيات بقيادة البابا شنودة الثالث، بهدف إنهاء ما سُمي بتجارة الأديان، حيث كان يلجأ البعض لتغيير الطائفة أو الدين للحصول على الطلاق. برغم إعداد قوانين موحدة في مناسبات عديدة، كانت القوانين تختفي أو تتعثر بسبب التعقيدات التشريعية والسياسية، إلى أن صدر توجيه رئاسي جديد منذ 6 سنوات لتشكيل لجنة لإعداد مشروع متوازن، تم التوافق عليه أخيرًا بعد ثلاث سنوات من المفاوضات.
ملامح القانون الجديد أبرز ما يُميز مشروع القانون هو الالتزام بمبدأ "قانون العقد"، مما يعني احترام عادات وتقاليد كل طائفة مسيحية، مع تقنين القواعد بناءً على التقاليد الخاصة بها. على سبيل المثال، الكاثوليك أجازوا الطلاق بموافقة البابا في روما، وهو ما سيُدرج ضمن القانون. كما ينص المشروع على أن أي غش يؤدي إلى بطلان الزواج، مثل الغش في بكورية الزوجة أو العقم أو الأمراض المعدية.
الطلاق وأسباب بطلان الزواج أبرز التحديات كانت في قواعد الطلاق، حيث يظل الطلاق لعلة الزنا قاعدة أساسية وفق التفسير الإنجيلي. مع ذلك، توسع القانون في حالات بطلان الزواج ليشمل المثلية الجنسية، والهجر غير المبرر لثلاث سنوات، والزنا الحكمي، أي شبهة الزنا القوية، والتي تم إدراجها كمستجد في القانون.
موافقة الطوائف والمجالس المقدسة مشروع القانون حظي بموافقة المجامع المقدسة للطوائف المختلفة، وتمت مراجعة نسخته النهائية قبل إقرارها. هذا التوافق يعد خطوة كبيرة نحو إنهاء فوضى التشريعات السابقة، وخلق بيئة قانونية أكثر وضوحًا وعدالة للأسرة المسيحية في مصر.
يُعد هذا المشروع قفزة نوعية نحو إرساء قواعد واضحة ومحددة تساهم في القضاء على ما وصفه نجيب بـ"تجارة الأديان"، وتُحدث توازنًا في قضايا الأحوال الشخصية بما يحترم التنوع العقائدي بين الطوائف المسيحية.
للمزيد: تابع خليجيون نيوز، لمواقع التواصل الاجتماعي تابعنا على الفيس بوك وعلي اليوتيوب وعلي موقع أكس.