الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 | 11:51 مساءً
تواجه الزراعة في مصر تحديات متزايدة بفعل التغيرات المناخية العالمية التي تؤثر بشكل كبير على الإنتاج الزراعي، خاصة في المناطق الصحراوية التي تشكل 94% من إجمالي مساحة البلاد.
ومن هذا المنطلق، أكّد د. رأفت خضر، مدير معهد بحوث الصحراء بمركز البحوث الزراعية، أن استراتيجيات التنمية الزراعية حتى عام 2030 تهدف إلى التكيف مع هذه التغيرات.
وتعتبر هذه الاستراتيجيات ركيزة أساسية لتحسين إنتاجية الأراضي الصحراوية وتوسيع الرقعة الزراعية، بما في ذلك مناطق مثل سيناء، توشكا، شرق العوينات، وصعيد مصر.
وصرح د. خضر قائلاً: "تتضمن الاستراتيجيات الزراعية جهودًا لتطوير المحاصيل التقليدية مثل القمح والدرة، بالإضافة إلى التركيز على زراعة محاصيل جديدة تتحمل الظروف البيئية الصعبة مثل الجفاف والملوحة."
وأضاف أنه يتم الآن استنباط أصناف نباتية تتحمل درجات الحرارة المرتفعة وقلة المياه، حيث أن محاصيل مثل الدخن، السورجم، والبانيكام أظهرت قدرة على التكيف مع الظروف المناخية القاسية، وهو ما يساهم في تقليل الفجوة الاستيرادية وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
استصلاح الأراضي الزراعية ومشاريع التوسع الزراعي
على صعيد آخر، أكد حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين وخبير زراعي، في تصريحات لموقع "بلدنا اليوم"، أن مصر شهدت تحولًا كبيرًا في القطاع الزراعي خلال العام 2024، خاصة من خلال المشاريع الزراعية العملاقة التي ساعدت في زيادة الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي.
وأضاف أبوصدام أن مصر حققت نجاحًا غير مسبوق في استصلاح الأراضي وزيادة الإنتاجية، بفضل مشاريع مثل "الدلتا الجديدة"، "مستقبل مصر"، "الريف المصري شرق العوينات"، "توشكا"، و"شمال سيناء".
وأشار إلى أن هذه المشاريع المتكاملة لا تقتصر على الزراعة فقط، بل تشمل أيضًا إنشاء عمران جديد، مصانع، طرق جديدة، مما يفتح آفاقًا جديدة في جميع المجالات. وأوضح أن مصر تستهدف استصلاح حوالي 4 مليون فدان من الأراضي الزراعية، وهو ما يساهم في تحقيق تطور مستدام للقطاع الزراعي على المدى الطويل.
تحولات الإنتاج الزراعي في 2024
شهدت مصر زيادة ملحوظة في إنتاج المحاصيل الاقتصادية الأساسية في 2024، مثل القمح، القطن، والقصب.
وفي حين انخفضت المساحات المزروعة بالأرز بسبب ندرة المياه، وهو ما أشار إليه الأستاذ الدكتور طارق محمود، أستاذ الإرشاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية.
وأكد د. محمود أن التركيز يجب أن يكون على زيادة إنتاج المحاصيل التي تعتبر أساسية لدعم الاقتصاد الزراعي المصري، مثل القمح والقطن والقصب.
وأوضح الدكتور طارق محمود أن إنتاج القمح شهد زيادة ملحوظة، حيث ارتفع من 18-19 أردبًا للفدان إلى 24 أردبًا.
وكما سجلت زراعة القطن ارتفاعًا كبيرًا من 5 إلى 9 جناطير للفدان. وأضاف أن زراعة الأرز شهدت انخفاضًا في المساحات المزروعة بسبب شح المياه، ما أثر بشكل كبير على هذا المحصول الحيوي. ورغم هذه التحديات، أكد أن هناك أهمية كبيرة في تحسين نظم الزراعة والتخطيط الزراعي لتحقيق زيادة في إنتاج المحاصيل الرئيسية.
الاقتصاد الزراعي: تأثير التغيرات المناخية والاقتصادية
فيما يتعلق بالعوامل الاقتصادية، أشار د. طارق محمود إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف والتقاوي والأسمدة كان له تأثير كبير على الإنتاج الزراعي هذا العام. وأوضح أن هذه العوامل الاقتصادية تؤثر بشكل غير مباشر على خطط الزراعة في مختلف المناطق، ما يزيد من تحديات المزارعين.
من ناحية أخرى، أكد محمود أن تأثير الظروف المناخية على الزراعة لا يمكن التنبؤ به دائمًا، لكن زراعة المحاصيل في الصوب الزراعية يمكن أن يساعد في التحكم في المناخ المحلي، مما يساهم في تحسين الإنتاجية في ظل الظروف المتغيرة.
التقنيات الحديثة والزراعة الذكية
شهد القطاع الزراعي المصري أيضًا تحولًا نوعيًا بفضل التقنيات الحديثة مثل الري بالتنقيط والزراعة الذكية. حيث ساعدت هذه التقنيات في زيادة الإنتاجية بشكل ملحوظ. وقال أبوصدام: "في 2024، ارتفع إنتاج القمح من 18-19 أردبًا للفدان إلى 24 أردبًا، كما ارتفع إنتاج القطن من 5 إلى 9 جناطير للفدان".
وأضاف أن هذه التقنيات ساهمت في تصدير كميات ضخمة من المحاصيل الزراعية وتأمين أسعار معقولة للمواطنين، مما ساعد في تعزيز الأمن الغذائي.
برنامج حياة كريمة ودوره في تحسين الإنتاج الزراعي
تسعى الحكومة المصرية أيضًا إلى تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمزارعين من خلال برنامج "حياة كريمة"، الذي يهدف إلى تحسين الحياة الريفية بتوفير الكهرباء، الصرف الصحي، والتعليم، والرعاية الصحية.
وقد شهدت مصر تطورًا في البنية التحتية في أكثر من 1500 قرية ضمن هذا البرنامج، وهو ما يساهم بشكل كبير في تعزيز الإنتاج الزراعي وتحسين جودة الحياة للمزارعين.
وعلى الرغم من التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي المصري نتيجة للتغيرات المناخية والاقتصادية، فإن المشاريع الزراعية العملاقة والتقنيات الحديثة تسهم بشكل كبير في ضمان مستقبل مستدام للقطاع الزراعي.
كما أن التوسع في استصلاح الأراضي وتطوير البنية التحتية في الريف المصري يسهم في تحقيق الأمن الغذائي وزيادة الإنتاجية الزراعية، مما يعزز دور الزراعة في دعم الاقتصاد الوطني.
اقرأ ايضا