يستعد الغاز المسال القطري لطفرة إنتاجية متوقعة خلال السنوات القليلة المقبلة، لكن على الصعيد الآخر ما زالت خطى تسويق هذه الكميات تشهد تباطؤًا كبيرًا.
ونجحت شركة قطر للطاقة -حتى الآن- في التعاقد على ما يُقدّر بنحو 60% من الكميات المعتزم إنتاجها، في حين تدور تساؤلات حول مصير الإمدادات المتبقية.
ووفق تحديثات قطاع الغاز المسال العالمي لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، قد تشكّل السوق الفورية "طوق نجاة"، لاستفادة قطر من الكميات غير المتعاقد عليها ضمن صفقات التوريد طويلة الأجل.
ويأتي الحديث عن فائض الإنتاج المتوقع لقطر من الغاز المسال بالتزامن مع أحداث متشابكة ومعقدة، إذ هدّدت الدولة الخليجية بوقف التصدير إلى أوروبا حال إلزامها بتقديم تقارير بيئية واجتماعية، وتحميلها أعباء مالية تفوق عائداتها.
بالإضافة إلى ذلك، ما زالت توقعات خريطة البيع والشراء خلال العام المقبل 2025 "غامضة" حتى الآن، في ظل تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب للاتحاد الأوروبي بزيادة وتيرة شراء النفط والغاز من بلاده، لتجنب التعرض لرسوم جمركية.
إستراتيجية قطر للغاز المسال
شكّل الغاز المسال القطري مصدر جذب رئيسًا للإمدادات الأوروبية، في أعقاب فرض عقوبات على الغاز الروسي ضمن تداعيات الحرب الأوكرانية.
ومن هذا المنطلق، تترقّب الصناعة إنتاج خطط التوسعة الجارية حاليًا، لتشكل دعمًا لإمدادات السوق بما يتلاءم مع معدلات الطلب الآخذة بالارتفاع.
ويبدأ الإنتاج القطري الجديد ضخ الغاز المسال في الأسواق بدءًا من عام 2026 حتى نهاية العقد الجاري.
ومن زاوية مقابلة، لا تشهد التعاقدات على الإنتاج القطري المتوقع وتيرة متسارعة ومتكافئة، بجانب تراجع طلب المشترين في الصين وأسواق أخرى.
وتعاقدت قطر للطاقة على ما يصل إلى 60% من إنتاجها المرتقب، في حين ما يزال 40% يبحث عن مشترين.
ومقابل ذلك، شهدت السوق الآسيوية توقيع شركة أدنوك الإماراتية عقودًا بشأن 83% من إنتاجها، لأسباب ترجع إلى منح المشترين "مرونة" أكبر في تسلم الشحنات، خاصة بالنسبة للشركات الأوروبية.
وبجانب أدنوك الإماراتية، ظهر الغاز المسال الأميركي منافسًا شرسًا عبر تأمين مشترين ومنحهم مرونة في التعاقدات وأسعار التسليمات الآجلة.
ويبدو أن قطر للطاقة لم تبدِ مرونة مماثلة للغازين الإماراتي والأميركي، إذ لم تطبق تخفيضات على سعر الغاز المسال المعروض.
فرصة للسوق الفورية
قد تتعرّض سوق الغاز المسال إلى "تخمة" معروض، مع استئناف الموافقة على مشروعات أميركية كانت قد خضعت للتعليق من قبل إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، وقد يصل بعض هذه المشروعات إلى قرار الاستثمار النهائي.
ومع استعداد السوق الأوروبية لاستقبال كميات إضافية من الإنتاج الأميركي استجابة لتهديد ترمب، تعوّل الصناعة العالمية على إنتاج الغاز المسال القطري المرتقب، لتعزيز توقعات السوق الفورية حتى نهاية العقد، في ظل وجود فائض لم يقع تحت نطاق تعاقدات.
ووفق متابعات العقود الآجلة، أشار محللون إلى أن سوق الغاز المسال الفورية قد تشهد انخفاضًا في الأسعار إلى مستويات غير متوقعة، حسب تحليل أجرته وكالة إس أند بي غلوبال (S&P Global).
واقتنصت السوق الفورية ما تتراوح نسبته بين 10 و11% من صادرات الغاز المسال القطري خلال العام الجاري، التي تجاوزت 75 مليون طن متري.
وتوقع مشاركون في السوق تزايد حصة الإمدادات القطرية في السوق الفورية، أو الإقبال على توقيع صفقات توريد قصيرة ومتوسطة الأجل.
ويقارن الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- بين صادرات الغاز المسال القطرية منذ عام 2000 حتى العام الماضي 2023:
خيارات قطر للطاقة
قد تواجه شركة قطر للطاقة فائضًا في الإنتاج -غير الخاضع لتعاقدات- يُقدّر بنحو 61 مليون طن متري سنويًا (ما قد يعادل 40% من صادرات الدولة الخليجية)، خاصة مع انطلاق الإنتاج التجاري من حقل الشمال الغربي.
جاء ذلك وفق توقعات تقرير لوكالة "ستاندرد أند بورز" صدر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ حذّر من تحديات تواجه قطر في توقيع عقود مرنة، وسط مخاطر ضعف السوق.
ولا تقتصر خيارات شركة قطر للطاقة على ضخ الإمدادات غير المتعاقد عليها في السوق الفورية فقط، وإنما قد تلجأ إلى إبداء بعض المرونة في التعاقدات طويلة الأجل، حسبما نقلت الوكالة عن مصدر.
ومن ضمن الخيارات المرنة أيضًا، عدم ربط التعاقدات بمدد زمنية طويلة مثل اتفاقيات التوريد التي تصل إلى 27 عامًا الموقعة من قبل الشركة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تدرس رفع الشركة القيود المفروضة على تسليم الشحنات إلى مناطق: شمال شرق وجنوب شرقي القارة الآسيوية.
ذراع تجارية
تشمل الخيارات -أيضًا- تأدية شركة "قطر للطاقة للتجارة" (QET) دورًا في جذب تعاقدات إنتاج الغاز المسال القطري، مثلما حدث خلال صفقة شركة غايل الهندية التي اتسمت بمرونة كبيرة في بنود التعاقد.
وحدّد محللون خيارات: "إبداء المرونة، وتقليص أسعار وشروط التعاقدات طويلة الأجل"، شرطًا لعدم اضطرار الغاز المسال القطري إلى التوريد لمشترين مختلفين أو ضخ الإمدادات في السوق الفورية.
وتستهدف شركة قطر للطاقة حجز موقع رائد لها في تجارة الغاز المسال، خلال المدة من 5 إلى 10 سنوات، حسب تصريح وزير الدولة لشؤون الطاقة، العضو المنتدب، الرئيس التنفيذي للشركة سعد الكعبي، عام 2022.
ويبلغ إنتاج الغاز المسال القطري الحالي 77 مليون طن متري سنويًا، وفي ظل ترقب نتائج توسعة حقول الشمال الشرقي والغربي والجنوبي قد يرتفع إلى 152 مليون متري سنويًا، بحلول عام 2030.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: