أخبار عاجلة

إبداعات|| "غيوم وأحضـــــان".. يوسف أسامة.. بنى سويف

إبداعات|| "غيوم وأحضـــــان".. يوسف أسامة.. بنى سويف
إبداعات|| "غيوم وأحضـــــان".. يوسف أسامة.. بنى سويف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الغيوم، بنات البحر المبهمات، أمهات الأنهار الكريمات، جواري الريح المخلصات.  بالنسبة لجنود يحرسون تلك الأراضي التي عذبها المطر، فإن الغيوم هي أبواب الجحيم التي تفتح لترسل المطر ليجلد أجسادهم الهشة.  عندما يهطل المطر على أزيائهم المتسخة، فإنه يغسل القذارة التي خلفتها توابيتهم الموحلة من عليهم، وفي المقابل يمتص الدفء القليل المتبقي في عظامهم.  بعض هؤلاء الجنود احتضنوا المطر البارد، ورحبوا به وهو يجلد عظامهم الفارغة، ويضرب الأجزاء السائبة من معاطفهم.

 

ومع ذلك، فإن مثل هذا الحديث ونحن واقفون فوق جثثهم لا فائدة منه.  فقد جاءت الأوامر من مكتب رجل لم يمسك الحديد أو يعذب يديه قط، بدفنهم في قبر واحد حتى لا تشعر عظامهم بالوحدة.

 

وهل ترى ذلك الرجل هناك؟ الذي يبدو مبتسمَا؛ الذي يعانق المظلة. فإن لديه قصة مثيرة للاهتمام، لديهم جميعًا، ولكن أعتقد أنك تريد سماع هذه القصة. على بعد بضعة كيلومترات كانت هناك بلدة صغيرة.  ظن ضباطنا أن السيطرة على تلك المدينة الصغيرة حدث يستحق عرضًا عسكريًا عبر طريق المدينة الرئيسي، لقد كان مشهدًا محبطًا؛  جنود مصابون يسيرون بزي رسمي ملطخ بالدماء على طرق موحلة عبر قرية مزقتها الحرب، ولكن بطريقة ما في هذه الحالة القاتمة، تعرفت عليه امرأة أنقذها هذا المستجد من بيننا جميعًا، اقتربت منه وأعطته مظلتها وطلبت منه أن يحتفظ بها ويأتي إليها بعد الحرب ويريها المظلة حتى يتزوجا.  كل من في الوحدة كان يحسده... إلا أنا.

 

لا أعرف إذا كانت العناية الإلهية أم الحظ المسئول، لكنه لم يقم بالحراسة الليلية حيث كنت، فقد رأيت نفس المرأة التي جلبت لصديقنا كل هذه الفرحة بين ذراعي رجل آخر، ورجل آخر في الليلة التالية، ورجل ثالث في الليلة التي تليها. كانوا جميعًا يأتون بكيسين مليئين ويغادرون وكلاهما فارغًا.  لماذا لم أخبره؟  لماذا أقتل فرحة الرجل؟  قبل أن يحصل على تلك العصا الممجدة ذات غطاء السرير المعلق في نهايتها، كان أقدم رجل على الموت في وحدتنا، كان يقفز في طريق الرَّصاصات فاتحاً لها ذراعيه لينهو حياته، لكنه الآن وجد سبب وجوده، حتى وإن كان أحضان عاهرة.  فها هو يرقد محتضنًا مظلتها كما يعانق الرجال من حوله الصليب، مبتسماً، وهم عابسون.

 

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق في اجتماع لمناقشة المخاطر التي تهدد مصر.. 42 حزبا يدعون لاصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية وتوحيد الجهود الحزبية
التالى وظائف حكومية خالية بالمعهد القومي للأورام.. الشروط والمستندات المطلوبة