تشهد مصر في الآونة الأخيرة تحولات هامة تعكس تطوراً في قطاع الصناعات الدوائية، وذلك من خلال توقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والشركة العربية للخامات الصيدلية،يهدف هذا البروتوكول إلى إنشاء مصنع متعدد الأغراض لإنتاج المواد الخام الدوائية باستثمارات تبلغ حوالي 120 مليون دولار،يعتبر هذا المشروع خطوة استراتيجية نحو تعزيز الصناعة المحلية والمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي للقطاع الدوائي، مما يعكس التزام الحكومة المصرية بتأمين احتياجاتها من الأدوية وتحقيق الأمن الصحي لمواطنيها.
تفاصيل المشروع
يوفر البروتوكول الموقَّع بين الطرفين فرصة لإنشاء مصنع متخصص يتولى إنتاج المواد الخام الفعالة وغير الفعالة، بالإضافة إلى المواد الوسيطة والمركزات والكيماويات والإضافات اللازمة في عملية إنتاج الأدوية،يجري إنشاء المصنع على مساحة 96.8 ألف متر مربع في القطاع الجنوبي للعین السخنة، وهذا يعكس حجم الاستثمار الكبير الذي تم رصدُه للمساهمة في تطوير البنية التحتية للصناعة الدوائية في مصر،من المتوقع أن يسهم هذا المشروع في تعزيز الإنتاج المحلي وتحسين جودة الأدوية المعروضة في السوق المصري.
توطين الصناعة
أكد الدكتور عوف، رئيس الشعبة العامة لشركات الأدوية، أن هذا المشروع يعد ضمن إطار استراتيجيات مصر الرامية إلى توطين صناعة الأدوية وتعزيز الإنتاج المحلي، حيث يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد،كما يشير إلى توافق هذه الجهود مع تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل التي بدأت مصر تنفيذها في عدد من المحافظات، مما يعزز من قدرة الدولة على تلبية احتياجاتها الصحية في المستقبل.
خفض فاتورة الاستيراد
يُعتبر تقليل فاتورة استيراد الأدوية من الأهداف الرئيسية لهذا المشروع، حيث يوضح الدكتور عوف أن نسبة التخفيض قد تصل إلى 10% إلى 15% من إجمالي فاتورة الاستيراد، من خلال إنتاج بدائل محلية للأدوية الأجنبية،على سبيل المثال، يُظهر تكلفة استيراد دواء الغدة الدرقية الذي تبلغ سنويًا نحو 40 مليون دولار، في حين أن تكلفة البديل المصري قد تنخفض إلى 200 ألف دولار فقط، مما يوفر المادة الخام اللازمة لتلبية الاحتياج المحلي لمدة عام كامل.
صناعة الدواء والأمن القومي
تعد صناعة الدواء واحدة من الركائز الأساسية للأمن القومي المصري، حيث يتعين توفير العملة الصعبة لتأمين الاحتياجات الضرورية لصناعة الأدوية،يتم ذلك وفق أولويات وضعتها هيئة الدواء المصرية وهيئة الشراء الموحد، لضمان توفر الأدوية بشكل مستدام وتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي،إن تطوير الصناعة المحلية للدواء يعكس أهمية تعزيز استقلالية الدولة في مجال الرعاية الصحية ويدعم الاقتصاد الوطني في النهاية.
في ختام هذا البحث، يتجلى أهمية هذه الخطوة في دعم صناعة الأدوية في مصر، والتي تأتي في إطار رؤية مستقبلية لتعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق الاستدامة،من المتوقع أن تسهم هذه المبادرات في تلبية احتياجات السوق المحلي وتحسين جودة الأدوية، مما يعكس إلتزام الدولة بتوفير الرعاية الصحية للمواطنين وضمان أمنهم الصحي.
