أكد وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فاق كل الحدود، وقال إن هذا العدوان فاقم من المعاناة الإنسانية في غزة وكرسها العجز الدولي عن اتخاذ قرار بحقن دماء الفلسطينيين.
ورحب عبد العاطي ـ في كلمة له خلال فعاليات مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة ـ بجميع الحضور على تلبية الدعوة المشتركة من مصر والأمم المتحدة للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي الهام، مضيفا أن المؤتمر يستهدف تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية الراهنة في قطاع غزة، فضلا عن دعم جهود التعافي المبكر.
وأوضح أن اجتماع اليوم يأتي في ظل استمرار المأساة غير الإنسانية وغير المسبوقة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي الغاشم المستمر وهي مأساة فاقمت من معاناته الإنسانية المتواصلة منذ عقود بسبب استمرار الاحتلال بل يزيد منها ويكرسها عجز مؤسسات المجتمع الدولي والمنظومة القانونية الدولية عن اتخاذ قرار ومواقف رادعة وحاسمة تحقن دماء الشعب الفلسطيني وتوقف الانتهاكات الفادحة والتي ترتكبها سلطة الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتمنع محاولات خلق واقع جديد طارد للفلسطينيين من أراضيهم ومعرقل لحقهم الشرعي الثابت وغير القابل للتصرف لإقامة دولتهم المستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تعدى كل الحدود، إذ تواصل إسرائيل ارتكاب الفظائع على مرأى ومسمع من العالم منذ أكثر من عام دون رادع، وفي مشاهد مروعة تعجز الكلمات عن وصفها.
وقال عبد العاطي، في كلمته خلال “مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة”، “إن إسرائيل تستخدم التجويع والحصار كسلاح والتهجير كعقاب جماعي للفلسطينيين بالمخالفة الفادحة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني”.
وأضاف وزير الخارجية “أنه على مدار 13 شهرا وقف المجتمع الدولي متفرجا أمام ما يتم ارتكابه من أفعال بشعة ومشاهد قتل للأطفال والنساء وتشريد للسكان المدنيين وتدمير المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس وقصف سيارات الإسعاف، واستهداف العاملين بالمجال الإنساني بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة الذين أودى القصف بحياة أكثر من 173 منهم غالبيتهم من شهداء وكالة “الأونروا”.
وأشار إلى أن العدوان الإسرائيلي دمر أكثر من ألفي منشأة تابعة لوكالة “الأونروا” في قطاع غزة، من بينها أكثر من 65 من مدارسها، موضحا أن كل ذلك حصيلته أكثر من 43 ألف شهيد فلسطيني 70% منهم من النساء والأطفال، فضلا عن نزوح أكثر من 2 مليون شخص بسبب أوامر الإخلاء التي أصدرها الاحتلال وباتت تغطي أكثر من 85% من أراضي القطاع.
وتابع قائلا “إنه إمعانا في انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي تمنع سلطة الاحتلال المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية اللازمة من الدخول إلى قطاع غزة من خلال فرض شروط وعراقيل غير مبررة وغير قانونية وما تسمح بدخوله بعد الضغوط التي تمارس عليها لا يتناسب مع حجم الاحتياجات الهائلة داخل القطاع والناجمة عن التعرض المستمر للقصف والتشريد وانتشار الأمراض والأوبئة وبرد الشتاء القارص وخطر تفشي المجاعة”، وأضاف “بل يجد ما يتم إدخاله صعوبة في توصيله إلى المحتاجين إليه لتعرضه للسرقة والتخريب بسبب غياب الأمن وغير ذلك من المخاطر التي تحول دون قيام العاملين في المجال الإنساني بمهام عملهم”.
وقال وزير الخارجية “إن الكارثة تزداد حدة مع الهجوم المستمر على وكالة (أونروا) والمساعي لتقويض عملها بل وتدميرها، وما سيترتب على ذلك من الانهيار التام للاستجابة الإنسانية داخل قطاع غزة، وتصفية القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في العودة”.
وأكد إدانة مصر بشكل كامل في هذا السياق، إقرار التشريع غير القانوني لحظر عمل وكالة (أونروا) لما يمثله من سابقة خطيرة بحظر دولة عضو بالأمم المتحدة لعمل إحدى وكالاتها، وتعكس استخفافا مرفوضا بالمجتمع الدولي ومؤسساته، مضيفا “وتشدد مصر على أن الوكالة لا بديل لها ولا يمكن الاستغناء عنها داخل القطاع ولا يمكن أن يحل محلها أو يقوم بدورها أي طرف آخر أيا كان”.
وتابع “لقد كانت مصر في طليعة الدول التي هبت لإغاثة أشقائها الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث قدمت نحو 70% من المساعدات التي دخلت القطاع منذ ذلك الحين، مع تسهيلها إجراءات الشحن الجوي والبحري والبري لاستقبال تلك المعونات”.
وأكد وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبدالعاطي، أن مصر استضافت آلاف الجرحى من أشقائنا الفلسطينيين ووفرت لهم الرعاية الصحية، فضلا عن تطعيم آلاف الأطفال الفلسطينيين، وقدمت الدعم اللازم لالتحاق الطلبة الفلسطينيين بالمؤسسات التعليمية المصرية سواء من خلال وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني أو الأزهر الشريف، منوها أن هذا ليس منة منا ولكنها مسئولية وواجب على مصر تجاه أشقائها الفلسطينيين وبتوجيهات مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأوضح وزير الخارجية أن مصر أنشأت أول مخيم إيواء بجنوب قطاع غزة بالتعاون مع الهلال الأحمر الفلسطيني، ويسرت أيضا إدخال 4 مستشفيات ميدانية إلى قطاع غزة مع استقبالها لمستشفيين عائمين بمدينة العريش لمعالجة المصابين.
وقال: “ليكن معلوما أن مصر مستعدة لإدخال أعداد كبيرة من الشاحنات يوميا إلى قطاع غزة، بمجرد أن تسمح الظروف الميدانية اللازمة لضمان النفاذ الآمن للمساعدات وتوفير المناخ الآمن لعمل وكالات الإغاثة”، مؤكدا في هذا السياق الأولوية البالغة على الانسحاب الإسرائيلي الفوري من الجانب الفلسطيني من معبر رفح، فضلا عن الانسحاب من منطقة محور فيلادلفيا.
كما أكد الدكتور بدر عبدالعاطي، أن على المجتمع الدولي، وخصوصًا مجلس الأمن، مسؤولية واضحة في الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح المعابر وتشغيلها بكامل طاقتها. وأوضح أن ذلك يتطلب من إسرائيل تحمل مسؤولياتها وفقًا للقانون الدولي والإنساني، مشددًا على أن هذا هو الشرط الأساسي لتخفيف الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، التي يتحمل الاحتلال العبء الأكبر تجاهها.
وأضاف أن العدوان المستمر على غزة منذ أكثر من عام أحدث دمارًا هائلًا سيحتاج لعقود من الزمن لإصلاحه. وشدد على أهمية تكاتف المجتمع الدولي لضمان وصول المساعدات الإنسانية العاجلة بشكل فوري ومستدام. كما دعا إلى تنفيذ خطط التعافي المبكر لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان مثل الغذاء والماء والمأوى والصرف الصحي والرعاية الصحية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية.
وتابع: “أن في ضوء ما تقدم، يشجع الداعون لهذا المؤتمر جميع الوفود المشاركة على الإعلان عن تقديم الدعم اللازم لأهل غزة، والإعلان عن تعهدات مالية ملائمة وقابلة للتنفيذ الفوري؛ لإنقاذهم من الكارثة الإنسانية التي يتعرضون لها، مما يمهد الطريق لتعافيهم المبكر وإعادة الإعمار”.
ودعا إلى ضرورة التراجع عن سياسة المعايير المزدوجة، مؤكدًا أن الوقت قد حان لاتخاذ موقف حاسم لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وأوامر محكمة العدل الدولية، التي تطالب بوقف فوري لإطلاق النار، مشددا على أهمية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتزويد السكان المدنيين بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية بموجب القانون الدولي الإنساني.
كما أكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج أهمية وقف العدوان الإسرائيلي والانتهاكات التي تمارس في الضفة الغربية، ورفض سياسة التهجير بحق الشعب الفلسطيني سواء من قطاع غزة أو من الضفة الغربية.
وشدد عبدالعاطي على أن لا يجب أن تكون هناك دولة فوق القانون، وأن كل الدول يجب أن تخضع للمساءلة، موجها تحية إجلال وتقدير للشعب الفلسطيني على صموده وكفاحه وتضحياته المستمرة دفاعًا عن حقوقه وأرضه.
وأعرب وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج عن تضامن مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو 1967، مؤكدًا الرفض الكامل لكافة المساعي الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وقال عبدالعاطي- في ختام كلمته- “إن مصر ستستمر في تقديم كافة سبل الدعم والمساندة لوقف نزيف الدم، وستواصل العمل بلا كلل مع الأشقاء العرب ومع دولة قطر والأصدقاء في العالم للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وكذلك إطلاق سراح الرهائن والأسرى وضمان الوصول الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية”.