شهدت السنوات القليلة الماضية إعلان عدد من المدن عن افتتاح محطات جديدة ونموذجية لسيارات الأجرة الكبيرة (الصنف الأول) كأنها دخلت في منافسة غير معلنة فيما بينها لتوفير البنية التحتية المساعدة على تنظيم القطاع وتمكين المهنيين من تقديم خدماتهم للمسافرين في ظروف جيدة، غير أن المحمدية لا تزال تغرّد خارج هذه المنافسة التي يتطلع إليها “المواطن الفضالي” وزوار المدينة.
وفي جولة بالمحمدية يلاحَظ انتشار غريب لمحطات سيارات الأجرة من الصنف الأول، حيث تتخذ “الطاكسيات الكبيرة” من الشوارع محطات لإركاب وإنزال المسافرين، في انتظار أن ينتبه المجلس الجماعي قبل فوات الأوان، ويقتنع بحاجة المدينة إلى محطة نموذجية لتنظيم القطاع، بما يتناسب والتحديات التي تنتظر المنطقة خلال السّتّ سنوات القادمة التي تفصل المغرب عن موعد تنظيم كأس العالم.
تجمّعات تتعدّد ومشاكل تتمدّد
يوسف العسولي، متتبع للشأن المحلي بمدينة المحمدية، قال إن “الأمر يتعلق بتجمعات لسيارات الأجرة الكبيرة عوض الحديث عن المحطات، بالنظر إلى العشوائية التي تطبع القطاع في ظل غياب محطة نموذجية أو محطات منظَّمة تحفظ كرامة المواطنين والمهنيين على حد سواء”.
وأضاف العسولي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “أغلب ما يُوصف بمحطات سيارات الأجرة الكبيرة، إن لم نقل جميعها، يقع بالشوارع الرئيسية لمدينة المحمدية، كما أن هذه المحطات غير متباعدة عن بعضها البعض، مما يتسبب في عرقلة السير، الذي يصل في بعض الأحيان إلى إغلاق الشارع تماما بسبب الوقوف في الوضعية الثانية deuxième position”.
وعلى سبيل المثال، أشار المتحدث ذاته إلى “محطة حيّ الرشيدية الواقعة بملتقى شارعيْ فلسطين والرياض حيث تم تخصيص حيّز فوق الرصيف لتجمّع الطاكسيات، لكن الواقع يؤكد أن سيارات الأجرة الكبيرة تفضّل ترك ذلك المكان ومزاولة نشاطها بالشارع المحاذي له قرب المدارة الطرقية، دون أي اعتبار لعرقلة السير التي تتسبب فيها”.
ومن بين المشاكل المرتبطة بالمحطة ذاتها، ذكر العسولي “تجمع الركاب على قارعة الطريق لانتظار سيارات الأجرة، وعرقلة السير عند الوصول أو الانطلاق، والركن في أي مكان بالشارع لإنزال أو إركاب الزبناء، إضافة إلى الضجيج الناتج عن منبهات السيارات كلما توقفت سيارة أجرة وسط الطريق”.
“المونديال” يقترب.. والتنظيم مطلوب
وبخصوص محطة سيارات الأجرة الكبيرة الموجودة بشارع سبتة قرب ممر تحت أرضي، أوضح العسولي أنها “ملتصقة بمحطة أخرى خاصة بسيارات الأجرة الصغيرة، مما يعني أن الضجيج مضاعف والمشاكل متشابكة والمعاناة دائمة، مع ضرورة استحضار أن المحطتين تقعان بجوار حيّ سكني”.
ومن بين المشاكل التي تنتج عن انتشار المحطات بالأحياء والشوارع، قال المتحدث إن “المواطن يجد صعوبة في معرفة المحطة التي سيجد فيها سيارات الأجرة، التي ستؤمّن تنقله بين مدينة المحمدية وباقي المدن المجاورة، بسبب غياب محطة كبيرة ومنظمة تسهّل على المواطنين الولوج إلى خدمة سيارات الأجرة”.
واستنكر “استمرار العشوائية في هذا القطاع، وغياب محطات توازي المجهودات المبذولة لتوفير الظروف المناسبة لتنظيم كأس العالم 2030، ومن بينها إنشاء الملعب الكبير بالقرب من مدينة المحمدية في اتجاه مدينة بنسليمان، وما يتطلبه ذلك من توفير وسائل نقل مختلفة لتأمين التنقلات بين المحمدية والملعب، ومن بينها سيارات الأجرة الكبيرة”.
وطالب الجهات المعنية بضرورة “تنظيم محطات سيارات الأجرة الكبيرة بمدينة المحمدية، إما بتجميعها في محطة واحدة كبيرة وفي المستوى المطلوب، أو بضبط وتحديد المكان المناسب لكل محطة من المحطات المتفرقة بالمدينة، بالشكل الذي يوفّر السلامة للزبناء والمهنيين وجميع مستعملي الطريق”.
وضع كارثي.. ومشاكل متداخلة
حميد طغراني، الكاتب العام المحلي للنقابة الوطنية لمهنيي سيارة الأجرة بالمحمدية المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قال إن “المهنيين غير راضين عن الوضع الكارثي، الذي يعيشه قطاع سيارات الأجرة بصنفيه الأول والثاني، بسبب تعدّد وتداخل المشاكل، وفي مقدّمتها الحاجة إلى قانون منظم للقطاع”.
وبخصوص محطات المحمدية، أوضح طغراني، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “هناك مجموعة من المحطات بمختلف شوارع المدينة، لكن من الضروري التأكيد على غياب المحطة الطرقية بمعناها الحقيقي، رغم وجود مكان يضم محطة لسيارات الأجرة من الصنف الأول ومحطة لحافلات النقل العمومي، حيث لا أحد
يلتزم بها في ظل افتقارها للمرافق الصحية ومسجد وإدارة التنقيط وباقي المتطلبات”.
وأشار عضو المكتب الوطني لمهنيي سيارة الأجرة إلى أن “هناك مجموعة من المحطات القانونية والمرخّصة كمحطة المدينة بشارع تادلة”، قبل أن يضيف “نظرا للاكتظاظ الذي يشهده ذلك الشارع اضطر المهنيون إلى تحويل المحطة شيئا فشيئا إلى أن وصلت إلى شارع عبد الله بن ياسين”.
محطات مرخّصة وأخرى عشوائية
وبعدما استعرض مجموعة من المحطات التي تربط المحمدية بالمدن والمناطق المجاورة، كعين حيرودة والبرنوضي وكراج علال والمنصورية وبني يخلف وفضالات…، أكّد المتحدث أنه “إلى جانب المحطات المرخّصة هناك محطات أخرى يمكن وصفها بالعشوائية كتلك التي توجد بشارع القاضي التازي على سبيل المثال”.
وبصفته نائبا للكاتب الجهوي للنقابة بجهة الدار البيضاء سطات، قال طغراني إن “المهنيين يعطون الأولية للمطالب المرتبطة بأهمية القانون المنظم للقطاع، أما ما يرتبط بمحطات المحمدية فالأكيد أنهم يطمحون إلى تعزيز المدينة بمحطة نموذجية”، منبها إلى أن “عدد المحطات يزداد بازدياد عدد الوجهات وتوسّع المجال الجغرافي خارج المدينة، لكنّ إضافة محطات جديدة بالشكل الحالي يؤدي إلى تعميق الغزو الذي يتعرض له المجال الحضري”.
وختم المتحدث تصريحه لهسبريس بالتأكيد على أنه “من الضروري التذكير بالمعاناة التي يعيشها السائق المهني بقطاع سيارات الأجرة الكبيرة على عدة أصعدة، خاصة ما يرتبط بالمنافسة غير القانونية لمستخدمي التطبيقات غير المرخصة،
ونشطاء النقل السري بين المدن، والمنافسة غير القانونية أيضا مع “الخطافة”، ولائحة المشاكل والمطالب طويلة”.