لمن يتعجبون من دخول إسرائيل سريعًا على خط الأزمة في سوريا والإعلان الواضح عن نواياها سريعًا لماذا هذا التعجب؟ فإسرائيل لم تدخل دائرة الصراع السورى اليوم، هى من الأساس مَن صنعت هذا الصراع وحليفتها أمريكا، فكما كان بن لادن بالأمس صناعة أمريكية، فالجولاني اليوم البديل وإن كان ثائرًا حقا فليذهب إلى الجولان التي تُدنسها إسرائيل كل يوم أو يحرر ما أخذته اليوم بعد أن كان قد حرره الجيش السوري بدمه في ١٩٧٣.
لا تنعتوا الثورة ولا تُدنِّسوها بوصف مَن لا دين لهم ولا موقف بالثوار والثائرين.. لسنا دعاة قمع ولا نحن ضد التغيير، ولكن بخيارات الشعوب حتى وإن كان بالسلاح ف هوشي منه في فيتنام وبن بيلا في الجزائر رفعا السلاح وقادا ثورات مسلحة، ويوجد من الأمثلة الكثير ولكنها الأفكار يا سادة، فهؤلاء كانوا يؤمنون بمفهوم الدولة الوطنية ولكن دعاة الفوضى والتكفير والأجندات لا يؤمنون بذلك، ولنا معهم في مصر تجربة تُدرس في التاريخ، هل تتذكرون مقولة انتهي عصر الصناديق الزجاجية - الانتخابات- وهنا نتحدث عن الإخوان - النموذج الكيوت من الجولاني- سوريا دخلت نفقًا مظلما أتمنى أن يخيب ظني في ذلك وإسرائيل تحقق أهدافها واحدًا تلو الآخر، والآن علينا أن نجلس ونشاهد ونترقب ومن ثَمَّ نتعامل مع واقع مرير يستوجب الحذر وسط إقليم مضطرب.
فتمدد هذه الجماعات لم يقتصر على سوريا، بل يشكّل تهديدًا للدول المجاورة، هذا التهديد الإقليمي لا محالة سوف يدفع المجتمع الدولي إلى التدخل تحت مظلة مكافحة الإرهاب، كما حدث مع التحالف الدولي ضد داعش. هذا التدخل الدولي لم ولن يكون خاليًا من المصالح السياسية، فهو جزء من خطة أوسع لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بما يخدم القوى الكبرى، من خلال تفتيت الدول إلى كيانات أصغر على أسس طائفية وعرقية، ما يُعيد رسم الخريطة السياسية للمنطقة، ويُعزِّز الهيمنة الخارجية عليها، هذا بالإضافة إلى الديناميكيات المعقدة للجماعات المسلحة المتطرفة التي شاركت في السيطرة على سوريا، ويبرز مدى تشابك العلاقات بين هذه الجماعات على الرغم من تباين خلفياتها. هيئة تحرير الشام تبدو في صدارة هذه القوى، حيث تعمل على توسيع نفوذها من خلال السيطرة المباشرة أو التحالفات مع جماعات أخرى مثل فيلق الشام وأحرار الشام. اللافت هو أن معظم هذه المجموعات تعمل ضمن "غرفة عمليات الفتح المبين"، مما يعكس تنسيقًا مركزيًا في العمليات العسكرية تحت مظلة هيئة تحرير الشام، على الرغم من الخلافات الأيديولوجية والتاريخية التي قد تفصل بعضها عن البعض.
هذه الجماعات، رغم خلفياتها المتباينة، تمكنت من إيجاد قواسم مشتركة في السعي وراء النفوذ والسيطرة الجغرافية، كما في العمليات العسكرية السابقة مثل "درع الفرات" و"غصن الزيتون". هذه التحالفات المؤقتة تؤكد الطبيعة البراجماتية لهذه التنظيمات، حيث تضع المصالح السياسية والعسكرية فوق الأيديولوجيا.
ومع ذلك، فإن هذا التكاتف يثير قلقًا دوليًا متزايدًا بسبب الطبيعة المتطرفة لهذه الجماعات وتأثيرها السلبي على استقرار المنطقة ومستقبل سوريا الذي أؤمن تمامًا بأنه بيد شعبها وحده يحددون مصير بلدهم وحدهم وفق خياراتهم التي أتمنى أن تكون حقا خياراتهم وليست مفروضة عليهم بفعل الواقع والتدخلات والتشابكات الحادثة على الأرض.
والقلق كل القلق الآن على الوضع الإقليمي الملتهب الذي سيذوق مرارته وتوابعه جميعا لا أحد في مأمن من هذه الفوضي الخلاقة التي أصبحت واقعًا، وأخذت شرعيتها بقوة السلاح الذي سيرفع في وجوهنا جميعًا بما في ذلك داعميهم ومموليهم الآن غدًا بعد غدٍ ليس بعيدًا سينقلب السحر على الساحر، ونعيد من جديد ذات السيناريو وهكذا، فالآن أصبحت كل السيناريوهات مفتوحة والقادم مفزع.