حصد قطاع الهيدروجين الأخضر في المغرب تمويلًا مهمًا وجديدًا من ألمانيا، في إطار التعاون الثنائي المثمر بين الرباط وبرلين، وفق بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وأعلن معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة بالمغرب (IRESEN) وبنك التنمية الألماني (KfW) توقيع عقد مساعدة مالية بقيمة 13.5 مليون يورو (14.2 مليون دولار)، على أن تكون الدفعة الأولى بمقدار 3.5 مليون يورو (3.7 مليون دولار).
(اليورو= 1.05 دولارًا أميركيًا)
وتمثّل هذه الشراكة رؤية طموحة لوضع المملكة في طليعة الدول الساعية إلى التحول نحو اقتصاد أخضر مستدام؛ إذ يهدف هذا الدعم المالي إلى دعم إنشاء وتطوير منصة غرين إتش 2 إيه (Green H2A) للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته.
وتُعدّ هذه المنصة بمثابة بنية تحتية إستراتيجية مخصصة لتعزيز تقنيات الهيدروجين الأخضر وتحويل الطاقة الكهربائية إلى منتجات عالية القيمة (Power-to-X).
مكانة المغرب في قطاع الهيدروجين الأخضر
من شأن هذا التعاون بين بنك التنمية الألماني ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة أن يعزز مكانة المغرب بوصفه مركزًا إقليميًا وعالميًا للهيدروجين الأخضر، وفق ما جاء في البيان الذي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، الدكتور سمير الرشيدي: "تمثّل هذه الشراكة مع بنك التنمية الألماني خطوة مهمة لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر في المغرب والمنطقة".
وتابع: "ستسهم منصة غرين إتش تو إيه بشكل كبير في اعتماد تقنيات تحويل الطاقة الكهربائية إلى منتجات عالية القيمة (Power-to-X)، إلى جانب تعزيز القدرات المحلية ودعم شعار "صنع في المغرب"، ما يرسّخ مكانة المملكة بوصفها رائدًا إقليميًا وعالميًا في هذا المجال الواعد".
من جانبها، قالت مديرة مكتب بنك التنمية الألماني بالمغرب، جان راجبار: "نحن مقتنعون بأن هذا المشروع سيسهم في تعزيز العلاقات بين بلدينا، مع الاستجابة للتحديات العالمية لتغير المناخ".
وأضافت: "من خلال دعم معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، فإننا نرافق لاعبًا رئيسًا في تطوير الطاقات المتجددة والتقنيات النظيفة في المغرب".
ويُجسّد هذا التمويل من وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ) ثمرة المفاوضات التي أُجريت عام 2020 بين الحكومتين المغربية والألمانية؛ ما يدل على شراكة إستراتيجية طويلة الأمد في مجال الطاقة المتجددة.
Green H2A
طُورَت منصة Green H2A "غرين إتش 2 إيه" بشكل مشترك من قبل معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، ومجموعة المكتب الشريف للفوسفات (OCP)، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P).
وستؤدي "غرين إتش 2 إيه" دورًا رئيسًا في النشر الصناعي لقطاع الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته في المغرب، وستمكّن من استكشاف التقنيات المبتكرة في هذا القطاع الواعد واختبارها وإظهارها وتكييفها مع السياق المحلي.
وأوضح معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، في بيانه، أن هذه البنية التحتية صُممت لتكون حلقة وصل قوية لدعم اللاعبين الصناعيين والأكاديميين والاجتماعيين والاقتصاديين، وستسهم في ظهور القطاع بفضل عدّة مهام:
- تقديم حلول تقنية ودعم السياسات العامة ببيانات وتحليلات مبتكرة.
- تمكين القطاع الخاص المغربي من الوصول إلى المعرفة ونقل التكنولوجيا لتعزيز الابتكار.
- توفير أدوات متطورة لبناء القدرات البشرية وتأهيل جيل جديد من الكفاءات المتخصصة لصالح الجامعات ومراكز البحث ومؤسسات التكوين المهني.
إنتاج وتصدير الهيدروجين
كان مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة بالمغرب (IRESEN)، الدكتور سمير الرشيدي، قد أكد أن المملكة ستكون من الدول الرائدة في إنتاج وتصدير الهيدروجين، خاصةً إلى أوروبا، نظرًا للموقع الجغرافي القريب.
وأوضح "الرشيدي"، في حوار أجراه مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة عبدالرحمن صلاح، أن المملكة المغربية لديها قدرات تنافسية وعوامل جذب فيما يتعلق بقدرات الاستثمار في الهيدروجين، وأيضًا تصديره للخارج.
وبخصوص تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب، أكد "الرشيدي" إجراء دراسة بمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة نُشرت عام 2023، إذ أسفرت عن نتائج واعدة بشأن قدرة المغرب على إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة.
وتمثلت الدراسة في تحليل وتصميم وحدات إنتاج الهيدروجين على نطاق واسع باستعمال المحاكاة والنمذجة لأنظمة الطاقة المتجددة، وقد أجريت الدراسة على 5 مدن مغربية.
وبيّنت نتائج التحليل أنه يمكن توليد هيدروجين بتكلفة منخفضة في المغرب عن طريق الجمع بين الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، وكانت مدينة الداخلة هي الأرخص، إذ كانت تكلفة الإنتاج فيها نحو 2.54 دولارًا/كلغ، وهذا أقل من التكلفة التي وردت في الدراسات السابقة، وفق ما أكده "الرشيدي" في حواره مع منصة الطاقة المتخصصة.
وأشار مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية إلى سعي دول شمال أفريقيا -ومن بينها المغرب- إلى استثمار إمكانات الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، ما يعني أن المغرب قد يكون في المستقبل القريب منتجًا رئيسًا للهيدروجين الأخضر على مستوى العالم.
وأرجع ذلك إلى تمتُّع المملكة بمؤهلات كبيرة من المصادر المتجددة، خاصة الشمسية والريحية، بالإضافة إلى شريط ساحلي يمتد على مسافة 3500 كيلومترًا.
كما يتميز المغرب بقربه من أوروبا، إذ تبلغ أقرب مسافة بحرية 14 كيلومترًا بين المغرب وإسبانيا، بالإضافة إلى الربط مع أوربا عبر خطّين كهربائيين وأنبوب غاز، مع خطوط كهربائية قيد الإنشاء، ومشروع أنبوب المغرب-نيجيريا، الذي يخضع للدراسات حاليًا، وسيُتَّخَذ قرار الاستثمار النهائي فيه بحلول عام 2025.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- توقيع عقد المساعدة المالية لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر في المغرب من الموقع الرسمي لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.
- الحوار مع رئيس معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة من منصة الطاقة.