شهر رجب هو الشهر السابع في التقويم الهجري وأحد الأشهر الحرم التي حث الله سبحانه وتعالى على تعظيمها والابتعاد عن الظلم فيها، ويكثر التساؤل عن حكم صيام شهر رجب بشكل عام، وخاصة عن صيام أول رجب، وهل يعد ذلك من البدع المحرمة أم من العبادات المستحبة؟ وفي السطور التالية، نستعرض آراء الفقهاء وفتاوى العلماء حول هذه المسألة.
هل صام النبي صلى الله عليه وسلم في أول رجب؟
لم يثبت في السنة النبوية الشريفة صيام النبي صلى الله عليه وسلم لشهر رجب كاملاً أو تخصيصه بصيام أول شهر رجب. لكن هناك بعض الأحاديث التي تدل على استحباب صيام الأشهر الحرم بشكل عام. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر من صيام شهر شعبان كما جاء في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه حين قال: "يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان!"، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".
حكم صيام شهر رجب
اختلف العلماء في حكم صيام شهر رجب بشكل عام. بعض الفقهاء يرون أنه لا بأس في صيامه، بل يستحب صيام بعض الأيام فيه، حيث يعتبر شهر رجب من الأشهر الحرم التي يضاعف فيها الأجر. وفي المقابل، يرى بعضهم أن تخصيص رجب بالصيام كاملاً ليس من السنة ولا ينبغي فعله. لكن الأكثرية لا يرون في صيام رجب أو أول أيامه أي مشكلة طالما أن ذلك يتم دون تخصيص أو اعتقاد أنه الأفضل على الإطلاق.
وألمحت الإفتاء إلى أنه من المقرر شرعًا أن «الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال»، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك إلا بدليل، وإلا عد ذلك ابتداعًا في الدين، بتضييق ما وسعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وواصلت: ممَّا ورد في فضل الصوم فيشهر رجببخصوصه حديث أبي قلابة رضي الله عنه قال: «فِي الْجَنَّةِ قَصْرٌ لِصُوَّامِ رَجَبٍ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، ثم قال: «قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي قِلَابَةَ وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ، فَمِثْلُهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ بَلَاغٍ عَمَّنْ فَوْقَهُ مِمَّنْ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ».
رجبمن الأشهرِ الحُرُمِ العِظامِ؛ الّتي أمر اللهُ سبحانه وتعالى بتعظيمِها، والالتزامِ فيها أكثرَ بدينِه وشرعِه، وإجلالِها؛ فقال جلّ وعلا: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» (التوبة : 36).
وثبت في الصّحيحين عن سيّد المرسلين صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: «السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ،وَرَجَبُمُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»، وقال حبرُ الأمّةِ وتُرجمانُ القرآنِ عبدُ اللهِ بنُ عبّاسٍ -عليهما الرِّضوان- في تفسير قوله تعالى: «فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ»-كما روى الطّبريّ في (تفسيره)-: «في كلِّهنّ، ثمّ اختصَّ من ذلك أربعةَ أشهرٍ فجعلهنَّ حرامًا، وعَظّم حُرُماتِهنَّ، وجعل الذنبَ فيهنَّ أعظمَ، والعملَ الصالحَ والأجرَ أعظمَ».
هل صيام رجب بدعة؟
من خلال فتاوى دار الإفتاء المصرية، لا يُعتبر صيام رجب بدعة، بل هو جائز ومباح. إذ لا يوجد نص شرعي يحرّم الصيام في هذا الشهر، كما أن شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم التي خصّها الله تعالى بالعظمة. وقد أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن صيام رجب لا يعد بدعة طالما تم بدون تخصيص يوم بعينه أو اعتقاد بأنه من أفضل الأيام. وأضاف أن الأعمال الصالحة في الأشهر الحرم تزداد أجرًا وثوابًا، ومن ثم يعتبر الصيام فيها مستحبًا.
ومن خلال ما تم عرضه من آراء الفقهاء، يتبين أن صيام شهر رجب جائز وليس بدعة، لكن الأفضل هو عدم تخصيص الشهر بالصيام الكامل إلا إذا كان ذلك ضمن صيام التطوع. ويظل شهر رجب شهرًا عظيمًا في الإسلام، يجب على المسلم أن يعظمه بالعبادات والطاعات التي تقربه إلى الله تعالى، مع ضرورة البعد عن البدع التي لم يرد بها نص شرعي.
آراء العلماء حول صيام رجب
- المالكية: يرى المالكية أنه يمكن صيام رجب، لكنهم لا يفضلون تخصيصه بالصيام الكامل، بل يفضلون الصيام في الأيام التي لا تتعارض مع الشريعة.
- الشافعية: الشافعية يرون جواز صيام رجب بشكل عام، ولا يمنعون من صيامه بشرط عدم تخصيصه بيوم معين دون دليل شرعي.
- الحنابلة: يشبه موقفهم موقف الشافعية، حيث يرون أن الصيام في رجب مستحب ولكنه لا يستوجب تخصيصه.
- الحنفية: يختلف بعض الحنفية في مسألة صيام رجب، حيث يرون أنه من الأفضل عدم صيامه كاملاً إلا إذا كان ذلك ضمن صيام تطوعي عام.
فضل شهر رجب وأثره على المسلم
شهر رجب له مكانة خاصة في الإسلام، فهو أحد الأشهر الحرم التي تعظم فيها الأعمال الصالحة. الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ" (التوبة: 36). ولأن رجب من هذه الأشهر، فإن الأعمال الصالحة فيه تأخذ أجرًا مضاعفًا، بما في ذلك الصلاة، الصدقة، والذكر. كما أن شهر رجب يتضمن حدثًا عظيمًا في تاريخ الأمة الإسلامية، وهو الإسراء والمعراج الذي وقع في السابع والعشرين من رجب.
فضل شهر رجب
(1) هو الشهر السابع في التقويم الهجري، وأحد الأشهر الحُرُم التي عظّمَ الحقُّ سبحانه حُرْمَةَ ظلم الإنسان لنفسه أو غيره فيها، كما نهى المولى سبحانه عنه في غيرها من الشهور والأيّام.
(2) يسمى شهر رجب بـ«الأصم، والفرد»؛ لأنه انفرد عن بقية الأشهر الحرم، حيث جاءت متواليات وجاء هو منفردًا، كما يسمى برجب مُضَر؛ لأن قبيلة مُضر كانت تعظمه.
(3) يتميَّزُ شهر رجب عن باقي الشهور بحدوث معجزة الإسراء والمعراج يوم السابع والعشرين منه على المشهور.
كيف نعظم شهر رجب؟
لتعظيم شهر رجب، ينصح بزيادة العبادة والتقرب إلى الله تعالى عبر صيام التطوع، الصلاة، قراءة القرآن، والذكر. ويجب أيضًا الابتعاد عن المعاصي والذنوب في هذا الشهر الفضيل.
من الأمور المستحبة في شهر رجب أيضًا الإكثار من إخراج الصدقات، والعمل الصالح بشكل عام. كما يُنصح المسلم بأن يغتنم فرصة هذا الشهر في التقرب إلى الله بالدعاء والتوبة.
وقالت دار الإفتاء، إن شهر رجب له فضل عظيم؛ فهو أحد الأشهر الحرم التي عظمها الله تعالى في قوله: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ» [التوبة: 36].
واستدلت الإفتاء بقول قتادة: «إن الله اصطفى صَفَايا من خلقه.. واصطفى من الشهور رمضانَ والأشهر الحرم.. فعظِّموا ما عظم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظَّمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل».
وتابعت: ومن تعظيم هذا الشهر: كثرة التقرب إلى الله تعالى بالعبادات الصالحة؛ من صلاة، وصيام، وصدقة، وعمرة، وذكر، وغيرها، وكذلك البعد عن المعاصي وارتكاب السيئات.وألمحت الإفتاء إلى أنه من المقرر شرعًا أن «الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال»، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك إلا بدليل، وإلا عد ذلك ابتداعًا في الدين.
أمور مستحبة في رجب
هناك 4 أمور من الطاعات ينبغي على المسلم فعلها والإكثار منها خلالش هر رجب والأشهر الحرم بشكل عام.
أول هذه الأمور المستحبة في شهر رجب هو: الإكثار من العمل الصالح، والاجتهاد في الطاعات، والمبادرة إليها والمواظبة عليها ليكون ذلك داعيًا لفعل الطاعات في باقي الشهور، والثاني من الأمور المستحبة فيشهر رجبأن يغتنمَ المؤمنُ العبادة في هذه الأشهر التي فيها العديد من العبادات الموسمية كالحج، وصيام يوم عرفة، وصيام يوم عاشوراء.
الأمر الثالث المستحب فيشهر رجبأن يترك الظلم في هذه الأشهر لعظم منزلتها عند الله، وخاصة ظلم الإنسان لنفسه بحرمانها من نفحات الأيام الفاضلة، وحتى يكُفَّ عن الظلم في باقي الشهور، والرابع: الإكثار من إخراج الصدقات.
تابع أحدث الأخبار عبر