ضجت الأوساط السياسية خلال الساعات الماضية مع بزوغ كيانات سياسية جديدة ومنها حزب باسم “اتحاد مصر الوطني”، خاصة مع بدء العد التنازلي لنهاية الفصل التشريعي لمجلس النواب، وانطلاق مارثون الانتخابات البرلمانية لفصل تشريعي جديد في أواخر 2025، ما آثار العديد من التساؤلات عن أسباب تدشين كيان سياسي جديد ومدى قدرته على تحسين المشهد السياسي.
وبحسب مصادر تحدثت لـ"الرئيس نيوز"، يضم الكيان السياسي الوليد، عددًا من الشخصيات العامة والسياسية، من بينهم الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان السابق، والسيد القصير وزير الزراعة السابق، والسيد الإدريسي، أحد قيادات الصوفية، والنائب سليمان وهدان، وكيل مجلس الشيوخ، بينما يأتي إبراهيم العرجاني رئيس اتحاد القبائل المصرية في واجهة المؤسسين.
السناوي: الأحزاب المصطنعة لا تصمد في اختبارات السياسة
الكاتب الصحفي عبدالله السناوي يقول إن "الأحزاب المصطنعة لا تصمد في اختبارات السياسة، والأولى من ذلك هو معالجة القضايا التي تتعلق بالأمن القومي على الجهات المصرية المختلفة الشرقية والجنوبية والغربية، فضلا أزمة سد النهضة، والأزمة الاقتصادية، وعلى كل الأحوال هي محاولة في الوقت بدل الضائع".
وتابع السناوي في تصريح لـ"الرئيس نيوز": "لا شك أن الحزب المزمع إنشاءه مات بالاختناق قبل أن يولد، ولا يمكن التعاطي معه إلا في سياق القناعة بأنها اللعبة القديمة الحديثة القائمة على تفكيك الأحزاب ونفسها من الداخل، وإقامة أخرى إما جديدة أو منبثقة من الأولى، وربما يكون الأمر محاولة جهة ما إقامة حزب سلطة جديد بأجندة جديدة بأهداف ربما لا تكون معلومة في الوقت الحالي لكنها أثبتت فشلها".
وأضاف: "ما الوزن السياسي للشخصيات التي يقولون إنها ستكون قائمة على الحزب، الدكتور علي عبدالعال هو أستاذ أكاديمي ولم يعلم أنه شارك في أي فعاليات سياسية إلآ أننا وجدناه فجأة رئيسا للبرلمان الماضي، وكان أداءه متواضع للغاية، وكذلك ما السر في تقديم إبراهيم العرجاني بهذه الصورة فهو يكاد يكون منخرط في جميع الأنشطة الأخيرة".
وتساءل عن الأهداف المخفية من وراء خطوة تأسيس الحزب، وما التقصير الذي بدأ من القائمين في الوقت الحالي حتي يتم استبدالهم بأخرين إلا أن يكون لكل مرحلة شخصياتها، لكن أحزاب السلطة لا تصلح لمواجهة التحديات، وللأسف كل أحزاب السلطة مررت قوانين وقرارات جميعنا يدفع فاتورتها حاليا، بل وتحولت لتجمعات مصالح".
واختتم حديثه بالقول: "على الجميع أن يكون على قدر المسؤولية، فالدولة لم تعد حمل أي اضطرابات أخرى في الوقت الحالي".
عمار علي حسن: أي حزب سياسي يسقط على الناس من أعلى لا يعول عليه
ومن جانبه، قال عمار علي حسن، الروائي والباحث في علم الاجتماع السياسي، إن أي حزب سياسي يسقط على الناس من أعلى لا يعول عليه. فإنه ينبت من أسفل، يولد بين الناس، ويحمل أشواقهم ومطالبهم إلى كل ما يشد إلى الأمام، ويكافح من أجل طرح البديل، والوصول إلى السلطة، لينفذ برنامجه.
وأضاف حسن في منشور عبر صفحته على "فيس بوك": لقد انتقلت مصر من "منابر حزبية" أيام السادات إلى "تعددية حزبية مقيدة" أيام حسني مبارك، والآن تذهب إلى "الاحتكار السياسي ذي الوجوه المتعددة".
واختتم: “ليست هي وجوه سياسية حقيقية، إنما مجرد ظلال لوجه واحد، تمسك السلطة التننفيذية بناصيته، وتحركه يمنة ويسرة كيفما شاءت”.
وفي السياق، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن الحياة السياسية إذا ارتبطت بكيانات مصنعة أو حاشية معينة، فسيكون وقتها البرلمان شئ بلا معنى ومجرد منظر لإكمال الصورة.
وأضاف أنه لا يمكن التعويل على البرلمان فقط في الحياة السياسية يجب أن يكون هناك بالتوازي، إعلام جيد وقضاء مستقل ومجتمع مدني نامي وأحزاب سياسية منتعشة وجيدة، وبكل هذه الأمور يكتمل دور البرلمان وتنتعش الحياة السياسية.
وتابع: “يجب أن نعرف دور البرلمان الأساسي، فهو وسيلة من وسائل الرقابة بجانب التشريع، بمعنى أن وجوده وطبيعة تشكيله وقيامه بوظيفته مهم جدا، ولكن لن يكون له قدر معتبر إلا في حالة وجود مجال عام منفتح في جميع الاتجاهات”.
واستكمل: "للأسف القوى الاجتماعية في مصر لديها اعتقاد دائم، بأن المكتوب شئ والممارسة شئ أخر"، فلماذا لا تكون الممارسة وفق المكتوب في الدستور والقوانين! ولماذا دائما تتعامل القوى السياسية والمجتمع، باعتبار أن هذه السلطة قاهرة وأمنية وقابضة، تمارس نفوذ وحقوق غير مكتسبة وفق الدستور والقانون؟ ولماذا نجد أن السلطة توزع صكوك الوطنية على من هم مقربين منها، في حين توزع الاتهامات بالخيانة على المعارضين، وتوحي بأن أغلبية الشعب جاهل ولا يعرف مصلحته!"، مشيرا إلى أنه يجب أن يخرج البرلمان القادم من شرنقة الخوف من السلطة.
وأشار عمر هاشم ربيع، إلى أن جزء من أزمة البرلمان "هيكل العضوية"، ممكن نقول إن هناك برلمان يحتوي على نص لجان، أو يضم نسب 60/40، أو 70/30، والعضوية هي الأساس، ولكن للأسف أصبحنا نعتمد على شكل عضوية تكرس لمفاهيم أنها تخدم الحكومة وليس المواطن، وهذا سببه الرئيسي النظام الانتخابي القائم على القائمة المغلقة المطلقة، والتي تنتج دائما برلمان تابع للسلطة وليس رقيبا عليها، ومنفذا لتعليماتها ويغيب دوره الرقابي والتشريعي.
وقال: "يجب أن ننتج برلمان يفعل المجتمع سياسيا بقوائم نسبية وتحسين بعض عيوبها، وهي أقل كثيرا من عيوب القائمة المغلقة".
70 مليون ناخب بلا انخراط سياسي
وأوضح أن ما يقرب من 70 مليون مواطن لديهم حقوق مدنية وسياسية (من لديهم حق الانتخاب)، وهؤلاء مؤهلين لممارسة حياة سياسية ويمكنهم الانضمام للأحزاب، لك أن تتخيل أن ما يقرب من 100 حزب، جميعهم لم يتجاوزوا مليون عضو فقط، وهذا يرجع لأن المجتمع نفسه غير مسيس ولديه خوف كبير من فكرة الانضمام للأحزاب، ولديه خوف من السلطة وخوف من الممارسة السياسية الطبيعية، وكل هذا لن ينتج حياة سياسية محترمة ولا أحزاب قوية، ولا حتى برلمان حقيقي.
ولفت هاشم، إلى أن هيكل العضوية للبرلمان القادم إذا كان جيد ومعتبر فهناك بداية أمل، ولكن إذا استمر الأمر بهذا الشكل، فلن يكون هناك أي أمل في حياة سياسية وتداول سلطة بشكل حقيقي، ولذلك فإن الأولوية هي تطبيق الدستور والقانون بعيدا عن سياسة الأمر الواقع، معقبا: “يجب أن يحقق البرلمان المقبل توازن بين سلطات الدولة التنفيذية والقضائية”.
وأنهى حديثة، مؤكدا أن هيكل العضوية في البرلمان القادم مع استغلال صلاحيات السلطة التشريعية والرقابية التي نص عليها الدستور، هما الأساس لمستقبل أفضل، ما دون ذلك فلن يحدث جديد، وكل التكتلات والتحالفات والمحاولات التي تحدث في الحياة السياسية، لن تؤتي ثمارها، وإذا لم يحدث ذلك فسيكون البرلمان المقبل "RABAR STAMB" أو "برلمان بصمجية" وهذه الجملة معروفة في أدبيات البرلمانات.